لماذا نهى رسول الله ﷺ عن خلط الزبيب مع التمر
نهَى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الدُّبَّاءِ ، والحَنتَمِ والمزفَّتِ والنَّقيرِ وعَنِ البُسرِ والتَّمرِ أن يُخلَطا وعنِ الزَّبيبِ والتَّمرِ أن يُخلَطا وَكتبَ إلى أهلِ هجَرَ أن لا تَخلِطوا الزَّبيبَ والتَّمرَ جميعًا
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 5572 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه النسائي (5557) واللفظ له، وأخرجه البخاري (7266) أوله في أثناء حديث باختلاف يسير، ومسلم (17، 1990) مفرقاً باختلاف يسير
لقدْ وضَع الإسلامُ الحُدودَ الواضِحةَ بين الحَلالِ والحرامِ، وقد أوْضَح النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ سبَب تَحريمِه لبَعضِ الأشياءِ قد يكونُ بسبَبِ مآلاتِ الأمورِ معَها، ولا يكونُ التَّحريمُ لذاتِ الشَّيءِ وإنْ كان حلالًا في بَعضِ الحالاتِ الأخرى.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهما: "نهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن الدُّبَّاءِ" أي: نَهَى عن استخدامِ بَعضِ الأوعيةِ، والمرادُ بالدُّباءِ: نباتُ القَرْعِ إذا يَبِسَ اتُّخِذَ منه وعاءٌ، وكانوا يَحفِرونه ويَستَخدِمونه كسِقاءٍ، ويَحتَفِظون فيه ببَعضِ الأشربةِ، "والحَنْتَمِ" وهو إناء مَصنوعٌ مِن الطِّينِ أو مِن الفَخَّارِ، "والمزفَّتِ" وهو الإناءُ المطلِيُّ بالقارِ أو الزِّفتِ، مِن الدَّاخلِ أو الخارجِ، "والنَّقيرِ" وهو ما يُنقَرُ ويُجوَّفُ من جُذوعِ النَّخلِ،وكان يُحفَرُ ثمَّ يوضَعُ فيه التَّمرُ أو غيرُه، وهذه أَوعيةٌ وأَوانٍ وظُروفٌ نهَى عنها؛ لِما فيها مِن خاصِّيَّةِ الإسراعِ في تَحويلِ الأشرِبةِ إلى خَمرٍ، فنهاهم عنها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لذلك.
"وعن البُسرِ والتَّمرِ أنْ يُخلَطَا"، والبُسْرُ هو البلَحُ غيرُ النَّاضِجِ، والتَّمرُ هو البلَحُ النَّاضِجُ، والنَّهيُ عن خَلطِهما في الماءِ وتَركِهما حتَّى يَشتدَّا ويتخمَّرا ويُسكِرا، "وعن الزَّبيبِ والتَّمرِ أنْ يُخلَطا"، والزَّبيبُ هو العِنبُ المجفَّفُ، والنَّهيُ لنفسِ العلَّةِ، "وكتَب إلى أهلِ هَجَرَ أنْ لا تَخلِطوا الزَّبيبَ والتَّمرَ جميعًا"، والمعنى: بل انتَبِذوا كلَّ واحِدٍ على حِدَتِه، ولا تَخلِطوهما، وهذا الخَلطُ والنَّقعُ هو الانتِباذُ، وكانوا يَنقَعون التَّمرَ أو الزَّبيبَ وغيرَهما في الماءِ لتَحلِيَتِه؛ وهذا لا شَيءَ فيه، أمَّا إذا نُقِع في هذه الآنيَةِ وتُرِك حتَّى يشتَدَّ ويُسكِرَ فهذا هو المنهيُّ عنه.
وتحريمُ الانتِباذِ في هذه الظُّروفِ كان في صَدرِ الإسلامِ، ثمَّ نُسِخ، ولكن تَبقى العِلَّةُ؛ وهي الإسكارُ، فأيُّ شرابٍ اشتدَّ وأَسكرَ فهو حرامٌ دون النَّظرِ إلى الوِعاءِ الَّذي اشتدَّ وتخمَّر فيه. واختُلِف في سبَبِ النَّهيِ عن الخَليطينِ؛ فقيل: إنَّ سببَ النَّهيِ عن الخَليطِ أنَّ الإسكارَ يُسرِعُ إليه بسبَبِ الخَلطِ قبلَ أنْ يشتدَّ، فيَظُنُّ الشَّارِبُ أنَّه لَم يَبلُغْ حدَّ الإسكارِ وقد بلَغَه.
وفي الحديث: النهيُ عن انتباذِ الخَليطينِ وشُربِهما .